رافضة الاقتراح الأمريكي.. مصر تعد خطة لإعادة إعمار غزة لمواجهة نهج ترامب

القاهرة ()- تقود مصر مبادرة لإعادة إعمار قطاع غزة دون إجبار سكانه الفلسطينيين على المغادرة، في مواجهة مباشرة للاقتراح المثير للجدل للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإخلاء المنطقة من السكان.

وفقا لمجلة التايم الأمريكية، تهدف الخطة المصرية، التي تجري مناقشتها حاليًا مع شركاء إقليميين ودوليين، إلى إنشاء مناطق آمنة للفلسطينيين النازحين مع إطلاق جهود إعادة الإعمار واسعة النطاق.

بديل استراتيجي لرؤية ترامب

وفقًا لما نقلته التايم الأمريكية عن صحيفة الأهرام المصرية التي تديرها الدولة، فإن المبادرة مصممة لمواجهة محاولة ترامب لتغيير البنية الجغرافية والديموجرافية لقطاع غزة.

كان ترامب قد اقترح سابقًا أن الولايات المتحدة يمكن أن تسيطر على غزة، وتعيد بناءها لتصبح “ريفييرا الشرق الأوسط”، وتمنع بشكل دائم السكان الفلسطينيين من العودة، وقد قوبلت الخطة بإدانة دولية واسعة النطاق، حيث أوضح المنتقدون أنها طرد قسري – وهي جريمة حرب محتملة.

رفضت مصر والأردن والمملكة العربية السعودية بشدة رؤية ترامب، ورفضت قبول أي تهجير قسري لسكان غزة، كما ندد القادة الأوروبيون بالاقتراح، في حين أيده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مشيرًا إلى أن إسرائيل مستعدة لتنفيذ نهج ترامب.

مبادرة مصر لإعمار غزة

يعمل المسؤولون المصريون، بالتعاون مع دبلوماسيين أوروبيين ودول خليجية رئيسية بما في ذلك المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة، على وضع خطة تعطي الأولوية للإغاثة الإنسانية الفورية وإعادة الإعمار على المدى الطويل، ويتمثل جوهر الاقتراح في إنشاء “مناطق آمنة” داخل غزة، وتوفير مأوى مؤقت أثناء إعادة بناء البنية التحتية المتضررة.

تحدد الخطة عملية إعادة الإعمار من ثلاث مراحل ومن المتوقع أن تستمر لمدة خمس سنوات. ستشمل “فترة التعافي المبكر” الأولية التي تستمر ستة أشهر إنشاء ثلاث مناطق آمنة محددة، ومجهزة بمساكن متنقلة وخدمات أساسية.

ومن المتوقع أن تشارك أكثر من عشرين شركة مصرية ودولية في إزالة الأنقاض وإعادة تأهيل البنية التحتية الحيوية، وتوليد فرص العمل لعشرات الآلاف من الفلسطينيين.

الدعم الدولي والاعتبارات السياسية

تكتسب مبادرة مصر زخماً بين اللاعبين الدوليين الرئيسيين.، فقد أعربت فرنسا وألمانيا عن دعمهما لمقترح عربي مضاد لخطة ترامب، وناقش الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مؤخراً المبادرة مع نظيره الفرنسي، كما انخرط وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع مسؤولين من الاتحاد الأوروبي في مؤتمر ميونيخ للأمن، سعياً للحصول على الدعم الأوروبي.

ومع ذلك، تواجه الخطة عقبات سياسية كبيرة، فقد أصرت إسرائيل على القضاء التام على حماس ككيان سياسي وعسكري في غزة قبل أن يتسنى إجراء أي إعادة إعمار، بالإضافة إلى ذلك، أعرب المانحون الدوليون عن ترددهم في تمويل جهود إعادة الإعمار بينما تظل حماس في السلطة.

رداً على ذلك، يدعو اقتراح مصر إلى إدارة فلسطينية غير تابعة لحماس أو السلطة الفلسطينية للإشراف على عملية إعادة الإعمار، كما يقترح تشكيل قوة شرطة فلسطينية تتألف في الغالب من ضباط سابقين في السلطة الفلسطينية، مع تعزيزات محتملة من أفراد مدربين في مصر والغرب.

اقرأ أيضا..

مستقبل الحكم في غزة

لا تزال مسألة الحكم المستقبلي في غزة دون حل. لقد أبدت حماس استعدادها للتنحي جانباً، واقترحت إما حكومة وحدة فلسطينية تستبعد حماس أو لجنة تكنوقراطية لإدارة الأراضي. ولكن السلطة الفلسطينية عارضت حتى الآن أي ترتيب لا يشمل قيادتها.

وفي الوقت نفسه، رفضت إسرائيل أي شكل من أشكال الدولة الفلسطينية ورفضت السماح لحماس أو السلطة الفلسطينية بحكم غزة، ولم يقترح نتنياهو بعد هيكلاً بديلاً للحكم، الأمر الذي يترك حالة من عدم اليقين بشأن كيفية تشكيل إدارة مستقبلية في غزة.

الاستعجال وسط وقف إطلاق نار هش

لقد وصل الوضع في غزة إلى منعطف حرج، حيث من المقرر أن تنتهي المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الحالي في أوائل مارس.

وما تزال المفاوضات جارية بشأن المرحلة الثانية، والتي من شأنها أن تنطوي على إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين لدى حماس، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة، ووقف الأعمال العدائية على المدى الطويل، وفي غياب اتفاق، فإن تنفيذ أي خطة لإعادة الإعمار سوف يكون مستحيلاً تقريباً.

إن الدمار في غزة مذهل. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن نحو 250 ألف وحدة سكنية دمرت أو تضررت بشدة. وتأثر أكثر من 90% من طرق المنطقة وأكثر من 80% من مرافقها الصحية، وبلغ إجمالي الأضرار التي لحقت بالبنية الأساسية نحو 30 مليار دولار.

كما تم تسجيل 16 مليار دولار إضافية من الدمار المرتبط بالإسكان، مما يسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى استراتيجية شاملة لإعادة الإعمار.

الخطوات التالية لمبادرة مصر لإعمار غزة

من المقرر أن يجتمع مسؤولون من مصر والمملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة والأردن في الرياض هذا الأسبوع لوضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل مبادرة إعادة الإعمار قبل تقديمها في القمة العربية المقبلة في وقت لاحق من هذا الشهر.

وستلعب نتائج هذه المناقشات دوراً حاسماً في تحديد ما إذا كانت رؤية مصر لغزة يمكن أن تكون بمثابة بديل قابل للتطبيق لمقترح ترامب الذي تعرض لانتقادات واسعة النطاق.

ومع تكثيف الجهود الدبلوماسية، يظل مستقبل غزة غير مؤكد، وسوف يكون ما إذا كانت خطة مصر ستحظى بالدعم الدولي اللازم ــ وكيف ستستجيب إسرائيل ــ من العوامل الرئيسية التي ستشكل الفصل التالي من الصراع الطويل الأمد في المنطقة.

نسخ الرابط
تم نسخ الرابط

قد يهمك أيضاً :-

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *