مصر في سباق الذهب الأخضر.. الطريق إلى الريادة في مجال الطاقة المتجددة

القاهرة ()- تقف مصر على أعتاب تحول اقتصادي كبير، مدفوعًا بإمكانات الطاقة المتجددة غير المستغلة. فبعد أن كانت تعتمد تاريخيًا على المنتجات البترولية والقطن والمنسوجات للتصدير، بدأت البلاد الآن في تحويل تركيزها نحو مصادر الطاقة المستدامة.

وفقا لتقرير، مع وفرة موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، تتمتع مصر بفرصة ترسيخ نفسها كقائد عالمي في مجال الطاقة النظيفة. ومع ذلك، يتطلب هذا التحول التغلب على التحديات الحرجة، بما في ذلك اعتمادها على الوقود الأحفوري والحاجة إلى استثمارات كبيرة في البنية التحتية.

الطاقة الشمسية: تسخير قوة الشمس

تتمتع مصر ببعض أعلى مستويات الإشعاع الشمسي في العالم، والتي تتراوح من 2000 إلى 3200 كيلو وات في الساعة لكل متر مربع سنويًا. وتستفيد البلاد من أكثر من 3500 ساعة من أشعة الشمس سنويًا، مما يجعلها موقعًا مثاليًا لمشاريع الطاقة الشمسية واسعة النطاق.

توفر الصحراء الغربية وصعيد مصر، على وجه الخصوص، مساحات مفتوحة شاسعة لتوسيع الطاقة الشمسية.

وتحرز العديد من مشاريع الطاقة الشمسية واسعة النطاق تقدماً بالفعل. فمحطة بنبان للطاقة الشمسية، وهي واحدة من أكبر المنشآت الشمسية على مستوى العالم، تبلغ طاقتها الحالية 1.8 جيجاوات ومن المقرر أن تتوسع.

تشمل المشاريع القادمة مبادرة AMEA Power التي تبلغ سعتها 2 جيجاوات مع 900 ميجاوات في الساعة من تخزين البطاريات وتوسعة اتحاد مصدر/حسن علام للخدمات/إنفينيتي بقدرة 1.2 جيجاوات عبر مواقع متعددة. وتعزز المشاريع الإضافية، مثل محطة الطاقة الشمسية الكهروضوئية في أبيدوس كوم أمبو (500 ميجاوات) وخطة توسعة الطاقة الشمسية التي تبلغ سعتها 6 جيجاوات من مصدر، إمكانات مصر كقوة طاقة شمسية.

طاقة الرياح: الاستفادة من الرياح القوية في خليج السويس

تشكل طاقة الرياح ركيزة أساسية أخرى لاستراتيجية مصر المتجددة. ويتميز خليج السويس ووادي النيل بسرعات رياح عالية، تتراوح في المتوسط ​​بين 8 و10 أمتار في الثانية. وبموجب رؤية مصر 2030، تهدف الحكومة إلى توليد 14 جيجاوات من طاقة الرياح بحلول نهاية العقد.

هناك العديد من مشاريع طاقة الرياح الكبرى قيد التنفيذ بالفعل. ومن المتوقع أن تبدأ مزرعة الرياح التابعة لشركة AMEA في خليج السويس بقدرة 5 جيجاوات في العمل بحلول عام 2026، في حين تضيف مزرعة الرياح التابعة لشركة حسن علام/أكوا باور بقدرة 1.1 جيجاوات ومشروع رأس غارب التابع لاتحاد أوراسكوم للإنشاءات بقدرة 650 ميجاوات إلى قدرة مصر على توليد طاقة الرياح.

بالإضافة إلى ذلك، ستكون مزرعة الرياح البرية التابعة لاتحاد مصدر بقدرة 10 جيجاوات من بين أكبر المزارع على مستوى العالم، حيث ستقلل انبعاثات الكربون بمقدار 23.8 مليون طن سنويًا – وهو ما يعادل 9٪ من إجمالي انبعاثات مصر.

كما تعمل المشاريع الأصغر حجمًا ولكنها ذات التأثير، بما في ذلك مزرعة الرياح التابعة لشركة الكازار بقدرة 2 جيجاوات ومرافق الرياح والطاقة الشمسية المشتركة لشركة طاقة عربية/فولتاليا بقدرة 3.1 جيجاوات، على تعزيز تطلعات مصر في مجال الطاقة النظيفة.

اقرأ أيضًا..

الوعد والتحديات التي يفرضها الهيدروجين الأخضر

كما تعمل مصر على تعزيز مكانتها كقائدة في إنتاج الهيدروجين الأخضر، والاستفادة من مواردها المتجددة لإنتاج الهيدروجين بتكاليف تنافسية.

وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، يمكن لمصر إنتاج الهيدروجين الأخضر بأقل من 2 دولار للكيلوجرام بحلول عام 2030. وقد تم تحديد المنطقة الاقتصادية لقناة السويس كمركز استراتيجي لإنتاج الهيدروجين، حيث تعمل شركة سيمنز وسكاتيك على إنشاء منشأة قادرة على إنتاج مليون طن سنويًا بحلول عام 2035.

على الرغم من وعده، فإن الهيدروجين الأخضر يمثل معضلة. إن تحويل الطاقة المتجددة إلى إنتاج الهيدروجين يحد من الطاقة المتاحة للاستخدام المحلي، حيث تظل الوقود الأحفوري مهيمنة. لكي تصبح لاعباً تصديرياً قابلاً للتطبيق في سوق الهيدروجين، يجب على مصر أولاً تثبيت إمدادات الطاقة المحلية وتقليل اعتمادها على الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء.

العقبات التي تعترض طموحات مصر في مجال الطاقة المتجددة

في حين أن إمكانات الطاقة المتجددة في مصر هائلة، يجب معالجة العديد من التحديات البنيوية والاقتصادية لتحقيقها بالكامل. لا تزال شبكة الكهرباء في البلاد متخلفة عن التطور، مما يجعل من الصعب دمج مشاريع الطاقة المتجددة واسعة النطاق.

على الرغم من الاستثمارات الجارية، فإن الطاقة المتجددة تمثل حاليًا أقل من 12٪ من إجمالي سعة مصر البالغة 60 جيجاوات، مما يسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى ترقيات الشبكة وحلول تخزين الطاقة.

وتزيد الحواجز التنظيمية من تعقيد التقدم. كما أن الرقابة المجزأة لقطاع الطاقة، وعمليات الترخيص البيروقراطية، وانعدام الكفاءة، تردع الاستثمارات وتبطئ تنفيذ المشاريع. وتشكل القيود المالية أيضًا تحديًا كبيرًا.

مع ارتفاع الدين العام والحيز المالي المحدود، فإن تأمين التمويل لمشاريع الطاقة المتجددة أمر صعب، على الرغم من الأطر التي وضعها صندوق المناخ الأخضر والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لجذب رأس المال الخاص.

إن الاعتماد المستمر لمصر على الوقود الأحفوري هو أكثر إلحاحًا. حاليًا، يتم توليد ما يقرب من 80٪ من الكهرباء من الغاز الطبيعي والنفط، مما يجعل البلاد عرضة لتقلبات الأسعار وانقطاعات الإمدادات.

هذا الاعتماد لا يعيق التحول إلى الطاقة المستدامة فحسب، بل يؤثر أيضًا على أرباح تصدير الغاز الطبيعي المسال، وخاصة مع انخفاض إنتاج الغاز المحلي. إن دعم الوقود، المقدر بنحو 7 مليارات دولار سنويًا، يشوه سوق الطاقة بشكل أكبر من خلال جعل مصادر الطاقة المتجددة أقل قدرة على المنافسة مقارنة بالوقود الأحفوري.

نسخ الرابط
تم نسخ الرابط

قد يهمك أيضاً :-

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *